کد مطلب:352777 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:255

منع بعض الصحابة رسول الله فی کتابته للوصیة
أخرج البخاری فی صحیحه ستة روایات بهذه الحادثة والتی حصلت قبل وفاة الرسول علیه السلام بأربعة أیام فقط، فعن ابن عباس رضی الله عنه قال: " یوم الخمیس، وما یوم الخمیس، اشتد برسول الله (ص) وجعه فقال: أتونی أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا ولا ینبغی عند نبی تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه. فذهبوا یردون علیه فقال:دعونی فالذی أنا فیه خیر مما تدعونی إلیه " [1] .

وفی روایة أخری، قال ابن عباس: (لما حضر رسول الله (ص) وفی البیت رجال، فقال النبی (ص): هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إن رسول الله (ص) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البیت واختصموا، فمنهم من یقول: قربوا یكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من یقول غیر ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله (ص)، قوموا. قال عبید الله: فكان یقول ابن عباس: إن الرزیة كل الرزیة ما حال بین رسول الله (ص) وبین أن یكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم " [2] .

وفی روایة ثالثة، قال ابن عباس: " لما حضر رسول الله (ص) وفی البیت رجال فیهم عمر بن الخطاب، قال النبی (ص): هلم أكتب لكم كتابا



[ صفحه 43]



لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبی (ص) قد غلب علیه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البیت، فاختصموا، منهم من یقول: قربوا یكتب لكم النبی (ص) كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من یقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبی (ص)، قال رسول الله (ص): قوموا. قال عبید الله: وكان ابن عباس یقول: إن الرزیة كل الرزیة ما حال بین رسول الله (ص) وبین أن یكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم " [3] .

وفی صحیح مسلم، كان ردهم: "... فقالوا: إن رسول الله (ص) یهجر " [4] وفی روایة: "... فقال عمر كلمة معناه أن الوجع قد غلب علی رسول الله (ص) ثم قال: عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله " [5] ، حیث تجد أن كلمة یهجر قد استبدلت فی الروایة الأخیرة بما معناه أنه الوجع (الأكثر تهذیبا). وبالتمعن فی الروایات أعلاه، نتیقن أن أول من وصف رسول الله صلی الله علیه وآله بالهجران إنما هو عمر بن الخطاب والذی أیده فی ذلك بعض الحاضرین من الصحابة مما أدی إلی غضب رسول الله صلی الله علیه وآله، وطرده إیاهم من مجلسه بقوله: " قوموا عنی ". والحقیقة إن هذه الحادثة یفهم منها بدون أدنی شك إساءة إلی شخص الرسول الكریم صلی الله علیه وآله، والتی كانت صدمة كبیرة لی لدی علمی بها، والتی حسب ظنی یجهل حدوثها الغالبیة العظمی من أهل السنة بالرغم مما تحویه من أهوال! وكثیرا ممن أسمعتهم هذه الحادثة لم یصدقوا بها من هول الصدمة، بل إن بعضهم أقسم الأیمان الغلاظ بأنه إذا صدف فعلا وجود



[ صفحه 44]



هذه الحادثة فی صحیح البخاری، فإنه لن یثق بعد ذلك بأی روایة فی هذا الصحیح. وبعضهم صدق هذه الروایة ولكنه لدی العلم بأن الخلیفة عمر (رض) هو الذی أول من رمی الرسول صلی الله علیه وآله بالهجران غضب غضبا شدیدا ورفض التصدیق بذلك، بل وقرر عدم الوثوق بصحیح البخاری أو بأی من كتب الحدیث التی تروی مثل هذه الروایات التی تسئ إلی السلف الصالح علی حد رأیه!! وسر الدهشة فی هذه الحادثة هو أنه كان ینبغی علی جمیع الصحابة الحاضرین، أن یقدموا دون أدنی تأخیر ما أمرهم رسول الله صلی الله علیه وآله به حتی یكتب لهم الوصیة الأخیرة التی كان مقدرا لها أن تتضمن ما من شأنه أن یأمن المسلمین بعده من الضلال لو التزموا وأطاعوا كما یظهر من الروایة هذه، ومن كان من أهل السنة لیتوقع أن آخر لقاء بین الرسول صلی الله علیه وآله وكبار الصحابة انتهی بطرده إیاهم من مجلسه بعد أن ودعوه بتلك الكلمة المؤلمة والتی لا یحتمل لها سوی معنی واحد وقد ذكره النووی فی شرحه علی صحیح مسلم بأنه " الهذی " [6] والعیاذ بالله، وكما ذكر الإمام شرف الدین: (وإذا تأملت فی قول الرسول صلی الله علیه وآله: " آتونی أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " وقوله فی حدیث الثقلین: " إنی قد تركت فیكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتی أهل بیتی " تعلم أن المقصود فی الحدیثین واحد، حیث أراد الرسول صلی الله علیه وآله فی مرضه أن یكتب لهم تفصیل ما أوجبه علیهم فی حدیث الثقلین، ولكنه عدل عن الكتابة بعد كلمتهم تلك التی فاجؤوه بها اضطرته إلی العدول لئلا یفتح البعض بابا إلی الطعن فی النبوة - إذ لم یبق أثر لكتابة الكتاب سوی الفتنة والاختلاف من بعده فی أنه هجر فیما كتبه - والعیاذ بالله - أم لم یهجر، كما اختلفوا بذلك فی حضرته كما یظهر من خلال الأحادیث السابقة، وقد اكتفوا



[ صفحه 45]



بما عندهم من القرآن وجوزوا لأنفسهم العدول عن كلام النبی صلی الله علیه وآله وهو فی حال المرض، وكأنهم قد نسوا ما قاله جل وعلا فی حق نبیه الكریم: (وما ینطق عن الهوی - إن هو إلا وحی یوحی - علمه شدیدالقوی) [7] والآیة (وما آتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا) [8] .

وكذلك الآیة: (إنه لقول رسول كریم ذی قوة عند ذی العرش مكین -مطاع ثم أمین - وما صاحبكم بمجنون) [9] [10] .

وقد وصف ابن عباس ذلك الموقف خیر وصف عندما قال: " إن الرزیة كل الرزیة ما حال بین رسول الله صلی الله علیه وآله وبین أن یكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ". ورغم كل ذلك، وبناء علی ما رواه ابن عباس وأخرجه البخاری فی صحیحه فإن الرسول (ص) ما مات إلا وقد أوصی: "... فقال: دعونی فالذی أنا فیه خیر مما تدعونی إلیه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركین من جزیرة العرب، وأجیزوا الوفد بنحو ما كنت أجیزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال فنسیتها " [11] !!، ومن المؤكد أن الرسول صلی الله علیه وآله قد نطق بهذه الوصایا بحضور أهل بیته وبعض أقاربه والذین كان عبد الله بن عباس (ابن عمه) واحدا منهم، وذلك فی أحد الأیام الأربعة التی تلت یرم الرزیة " رزیة یوم الخمیس ". ولكن الغریب، أن (الوصیة الثالثة) وعلی ذمة البخاری أن ابن عباس لم یشأ أن یذكرها، وعلی كل حال، فإن الشیعة ومما روی من طریق أهل البیت علیهم السلام ذكروا أن الوصیة المنسیة أو المسكوت عنها هی استخلاف علی علیه السلام.



[ صفحه 46]




[1] صحيح البخاري ج 5 ص 511 كتاب المغازي باب مرض النبي صلي الله عليه وآله ووفاته.

[2] صحيح البخاري ج 5 ص 512 كتاب المغازي باب مرض النبي صلي الله عليه وآله ووفاته.

[3] صحيح البخاري ج 7 مر 389 كتاب المرضي باب قول المريض قوموا عني.

[4] صحيح مسلم كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس له شئ يوصي فيه ج 4 ص 175.

[5] السقيفة لأبي بكر الجوهري.

[6] صحيح مسلم ج 4 ص 174 ط دار الشعب بشرح النووي.

[7] النجم: 3 - 5.

[8] الحشر: 7.

[9] التكوير: 19 - 22.

[10] بتصرف عن كتاب المراجعات للإمام شرف الدين.

[11] صحيح البخاري ج 5 ص 511 كتاب المغازي باب مرض النبي ووفاته.